لقراءة الموضوع بصيغة PDF
كنت قد كتبت هذا المقال في منتصف شهر يوليو ٢٠١١
وتحرجت من نشره بسبب المكارثية والتخوين الذي كان سائداً في تلك الفترة، وكان عنوان المقال
"تحويل تجمع الفاتح إلى جمعية سياسية بداية النهاية".
والآن أنشر المقال كما كتبته قبلاً حيث كان كمحاولة لاستقراء الوضع السياسي للتجمع واستشراف المستقبل.
------------------------------------------------------------------------
لماذا تلاشى تجمع الفاتح ؟
المراقب للساحة البحرينية يعتقد جازماً أن تجمع الفاتح ولد في ظرف استثنائي، وإذا قدر له أن يتحول الي جمعية سياسية فإنه سيموت وهو لا زال يحبو، لأنه وببساطة ولد ونشأ في ظروف عصيبة وتجمعت ظروف مختلفة لتساهم في ولادة هذا الأمل وهذا الحلم، منها الخوف من الآخر والخوف من جماعة أكثر تمرساً في العمل الشعبي المنظم ... وأكثر قدرة على الشحن الإعلامي والتأثير عالمياً من نواحي عديدة (حقوق انسان - منظمات مجتمع مدني - منظمات دولية). ومع هدوء الأوضاع تدريجياً نخشى أن يتحول ذلك التجمع الحلم إلى عبء على أصحابه..
فما الذي سيحدث لو تحول التجمع إلى جمعية سياسية؟
طبعا أول تحدي سيكون حول توزيع المناصب ومن راح يستقيل من الجمعيات الأصلية وتحديداً الأصالة والمنبر اللتان وللأسف قامتا بزرع الإحباط واليأس في نفوس أهل السنة في البحرين بدليل عدد تمثيلهم الهزيل في مجلس النوب. وكل ما نخشاه أن يُفاجأ اهل السنة بأن نفس الوجوه سوف تُفرض في تجمع الوحدة الوطنية!! ما بين شخصية رفضتها جمعياتها السياسية، وما بين شخصيات رفضها الناس في الدوائر المختلفة، وما بين ناس ترشحوا مستقلين وفشلوا أكثر من مرة بسبب رفض الناس لهم؟!
بعد توزيع المناصب نأتي للأمور التفصيلية حول الهوية العقائدية للتجمع الذي سيتحول من جامع لأهل السنة في البحرين بأغلبهم إلى جمعية دينية مؤدلجة تتنازعها تيارات متباينة وأحياناً متصارعة مثل: السلف ، الإخوان، الصوفية... والمضحك أنها مُطعمة ببعض العلمانيين الذي سيكون وجودهم مثل الأطرش في الزفة، وتتزعمهم شخصية سياسية متقلبة من أقصى اليمين الي أقصى اليسار كنوع من البرغماتية للوصول إلى غرض البروز الشخصي وتحقيق مكاسب ذاتية على حساب التجمع؟!
طبعا الطرف الحكومي لن يرضى بأن يكون تجمع الوحدة الوطنية كيان مستقل لأن وجوده بتلك الصورة يعني تهديد آخر للدولة؟! وبالتالي سيتم تدجينه كبقية الجمعيات السياسية لأن الحكومة يكفيها الصداع المزمن الذي تسببه كل التيارات الشيعية المتطرفة منها كحركة حق ووفاء أو الأكثر ممارسة للواقعية السياسية كالوفاق... والحكومة ترى أن هذه الجمعيات هي مكمن الخطر على المدي القريب والبعيد. لذلك فإن جمعية الوحدة الوطنية لن تكون إلا "حائط صد" مقابل للجمعيات السياسية الشيعية بطرحها الذي يجد صدى لدى الشارع الشيعي ولدى الجمعيات الحقوقية وخاصةً أنها تقوم برفع شعارات المظلومية والتمييز والديمقراطية وقانون انتخابي واحد واحترام حقوق الإنسان وحكومة منتخبة وكل هذه المصطلحات التي في ظاهرها مطالب حقيقية مشروعة ولكن مكمن الخلل أن هذه الجمعيات الدينية تدعو إلى تعددية وانتخابات حرة والجمعية نفسها تفتقد الإيمان بالديمقراطية كون أعضائها المستقيلين قد وصلوا إلى مجلس النواب بتوصية من ممثل الولي الفقيه في البحرين ولازلنا نذكر قصة الكتلة الإيمانية.
في هذه المرحلة ستحاول الحكومة النأي بنفسها وترك المعارضة الشيعية لتصطدم بتجمع الوحدة الوطنية، بمعني أن التجمع سيكون مجرد أداة للتوازن وحائط للصد إلى أن يختفي أو يتلاشى زخم الثورات العربية، لأن وجود زخم تلك الثورات يشكل عامل ضاغط على الحكومة، لذلك سيتم التعامل مع التجمع من قبل الحكومة كما قالوا قديماً: ليس حبا في علي ولكن كرهاً في معاوية!!
وفي اللحظة التي تحس فيها الحكومة أن دور التجمع قد انتهى، سيتلاشى ..لأن عوامل انهياره ولدت في نفس اللحظة التي تم التصويت فيهاعلى تحويله إلى جمعية سياسية، وسترفع الحكومة الغطاء عنه كما رفعت الغطاء عن الجمعيات السياسية السنية في الانتخابات الماضية لأسباب يمكن مناقشتها في مقال اخر، وسيكون تفتيت التجمع مسألة في غاية السهولة بسبب الأطراف المتناثرة والمتضادة المكونة له، ليعود المارد الذي استيقظ إلى سُباته مرة أخرى ...
------------------------------------------------------------------------
كان هذا المقال كما كُتب قبل 6 أشهر وأعتقد أن الحقيقة المُرة هي التي حدثت وأصبح التجمع مثاراً للتندر والسخرية من
قبل منتسبيه قبل أعداءه ..
حيث تحول من تابع للحكومة إلى متابع للوفاق، والمصروفات طبعاً من وزارة الخارجية...
- (استخدام توصيف معارضة رشيدة يثير الضحك والاستهجان يا شيخ عبداللطيف) -
إضافةً إلى انفضاض الشخصيات السنية المتمرسة في السياسة عن التجمع وقفزهم من السفينة جماعات جماعات لإحساسهم ان الغرق قريب..
حتى هيكلية الجمعية مهترئة وشخوصها يفتقدون لأي حذاقة سياسة بالإضافة للتغييرات المستمرة في قيادته وبروز انشقاقات كثيرة منها: ثوابت الأمة .. صحوة الفاتح .. ولا أدري الي اين المآال؟
لكن... ربما ينجح تجمع الفاتح ويصبح أكثر قوة في حالة واحدة فقط ..
إذا أسفرت الانتخابات عن فوز المعارضة ونجحت في تشكيل حكومة، فقطعاً سيتجه إلى خانة المعارضة.. وعندئذ فقط سيتعلم السياسة !! وسيترك قيادته الإنتهازية والمصلحية ذات التفكير الأناني...
وإلا فيجب على الشارع السني مسح الطبقة السياسة السنية الحالية وإستبدالها بمن يفكر في الأجيال القادمة لأهل البلد ككل ! ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق