الخميس، مارس 08، 2012

الفاتح .. صحوة الفاتح .. أين عنوانكم؟؟


الفاتح .. صحوة الفاتح .. أين عنوانكم؟؟



كان لحضور الدكتور الفاضل عبدالله النفيسي لفاعلية تجمع الفاتح أو تجمع صحوة الفاتح (لم أعد أدرك التسمية الأصح هذه الايام) عشية الذكرى السنوية الأولى لانطلاق التجمع في 21 فبراير من العام الماضي أهمية كبرى، لما يحمله الدكتور من رؤى عميقة وفكر استراتيجي غزير في ما يخص التأثير الإيراني على الإقليم، حيث يتبنى الدكتور مبدأ التوجس والتحذير من التأثير الفارسي المتخفي تحت قناع المذهبية لتمرير مشاريعه، وهو كما كان ومنذ سنين يُنَّظِر ويتبنى ويشجع فكرة إنشاء الإتحاد الكونفدرالي بين دول المنظومة الخليجية لصد الأطماع الخارجية.

 
ولعلي هنا أستذكر وأستعير من كلماتٍ قالها الدكتور في مقابلة أجريت معه وعرضت على قناة الدليل قبل سنوات. في هذه المقابلة ذكر الدكتور النفيسي موقفاً لأحد الصحفيين العراقيين الذي توجه لبول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق إبان الاحتلال بسؤاله ..
قائلا: نحن العرب السنة في بغداد نعتقد أنكم - أي الامريكان - تفضلون التعامل مع الشيعة وليس مع السنة، فهل هذا الانطباع صحيح يا سيد بريمر؟؟
أجابه بول بريمير: هذا الكلام صحيح لأن الشيعة يتميزون بأن لهم عنوان واضح (ADDRESS) نستطيع الرجوع إليه، نحاور جموعهم من خلاله وهذا العنوان مركزه النجف.
 وكان القصد من هذه الإجابة المقتضبة أن جموع أهل السنة في العراق لا عنوان لهم ولا رأس يستطيع الأمريكان محاورته بسبب تفرقهم وتشرذمهم وعدم إجماعهم على قيادة واحدة!.
فهل ذات الموقف الذي طرحه الدكتور النفيسي يمكن توجيهه وإسقاطه على تجمع الفاتح الكبير فضلاً عن صحوته الصغيرة؟.. فجموع قدّرت بمائتي ألف إنسان حسب تقديرات المنظمين.. ما هو عنوانها؟ من يحركها؟ من يتحدث باسمها في أي تفاوض؟ من يتحدث باسمها أمام السلطة؟  ومن يتحاورعنها مع المعارضة؟ ومن يستطيع جعلها ذات فاعلية على الارض؟ .. في حين نرى أن المكون الآخر يملك عنوان شديد الوضوح، فعنوانهم الديني موجود في الدراز والمتمثل في آية الله الشيخ عيسى قاسم وعنوانهم السياسي موجود في الزنج والمتمثل في جمعية الوفاق.
غياب العنوان في حالة التجمع يسهل على أي طرف اختراق جموعه، سواء من قبل السلطة أو حتى من قبل طالبي المناصب والحظوة والهبات. التساؤل الأهم هو: هل غياب العنوان مطلوب ومقصود؟ أعتقد جازماً أن الإجابة "نعم" ! .. لا يراد للتجمع أن تكون له قيادة شعبية تمتلك كاريزما ورؤية تستطيع إدارة جموعها بشكل أكثر فاعلية. فخلال العام المنصرم كان الشيخ عبداللطيف المحمود هو العنوان، ونكاد ندرك أن غيابه هذه المرة عن التجمع الكبير الذي تم التحشيد له جاء مدروساً لجعل المارد جسداً بلا رأس، يسهل توجيهه وإخراجه بمجرد فرك المصباح متى ما دعت الحاجه إليه!.. رغم ارتهان الشيخ عبداللطيف بالكامل للحكومة من خلال سلوكه السياسي الواضح مؤخراً في التبرير لكل تصرفات الحكومة بشكل يثير الاشمئزاز،  فأصبح ملكيا أكثر من الملك برغم أنه قد صنّف نفسه ومن يتبعه ضمن خانة "المعارضة الرشيدة" كما أدّعى في آخر تجمع له.
نعود إلى تجمع الصحوة فمن يتتبع الأحداث بتمعن يستذكر التجمع الذي دعا له شباب الصحوة قبل فترة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وخلال أقل من ساعة توافدت جموع من المواطنين إلى دوار الساعة في الرفاع تتراوح أعدادهم بين بضع مئات يناهزون الألف شخص  حسب تقديري كوني كنت مراقباً للموقف عن كثب، مما أدى لخلق ازدحاماً في الشوارع المؤدية إليه، وبعد وقوفهم لالقاء بعض الخطابات بدأت الجموع بالتوجه إلى منطقة عالي ! .. لا أعرف ماذا كان القصد من هذه الحركة التي لا تنم عن أي وعي سياسي، إنما تشير إلى محاولة افتعال التصادم مع الطرف الآخر، الذي بدوره جعل كل جهده مناكفة الحكومة وعزف عن مناكفة سواها، وكان هو الطرف الأكثر توازن الذي رفض الانجرار إلى معركة طائفية.
بعد هذه الحادثة استشعرت السلطة أن هذه الصحوة يجب تحجيمها فتم استدعاء شخصين من قيادة الصحوة لمقابلة وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله الخليفة، وصدر موجز صحفي يبين أن اللقاء كان للتأكيد على استتباب الأمن وتنفيذ القانون، إلا أن سلوك الصحوة تغير بوضوح بعد لقاء الوزير واختفت اللهجة التصعيدية واختفت الفعاليات بشكل مثير للريبة، وعادت لتظهر على استحياء بشكل تجمعات بسيطة، تنشط بين الحين والحين أيضاً لمناكفة الطرف الآخر، مثلما حدث مؤخراً قبل يوم الأربعاء 29 فبراير، حيث دعت الجمعيات المعارضة لفعالية في النادي البحري مساء الأربعاء، وسرعان ما تأهب تابعي الصحوة والتجمع وهددوا بالتصادم نظراً لقرب الفعالية من جامع الفاتح الذي أصبح رمزاً للتجمع وللصحوة، مما اضطر المعارضة لتغيير مكان فعاليتها إلى منطقة أخرى تجنباً لحدوث ما قد لا يحمد عقباه .
والجدير بالذكر في أن التغطية الإعلامية الوحيدة لفعاليات الصحوة كانت تتم فقط من خلال صحيفة الوسط !، وكأنما هناك قرار رسمي صادر خلف الكواليس بتجاهل وتهميش صحوة الفاتح فضلاً عن التجمع الكبير المشلول أساساً.
فيا ترى ما الذي حدث حتى تعود صحوة الفاتح لتحشد مئات الآلاف بتاريخ 21 فبراير الماضي، علماً أن الاجتماع الذي عقد في 11 فبراير لاعلان إئتلاف الجمعيات كان هزيلاً جداً رغم وجود الشيخ المحمود في الاجتماع. كيف استطاعت الصحوة التحشيد بزخم أكبر.هل هذا الحشد والتصعيد مرتبط بما يتم تسريبه عن حوار تحت الطاولة بين المعارضة والحكم؟
 في اعتقادي الشخصي أن العروض الحكومية التي قدمت للمعارضة والتي لا أستطيع التكهن بها لم تلق قبولاً لدى المعارضة، فلجأت الحكومة لفرك المصباح وإخراج المارد والنفخ فيه مجدداً ومثله قابل للنفخ، لأنه يمشي بإيعاز وأوامر واضحة. ومن يكابر ويعتقد بإستقلالية عند الصحوة واهم فهم صنيعة صغيرة تماما كالصنيعة الكبرى "تجمع الفاتح" يتحرك وقت الطلب.
لعل ما جعلني أذهب في تحليلي لهذا الاستنتاج هو الدعم اللوجستي والفني وكم الإعلانات الداعية للتجمع والتي برزت في وقت قياسي، فأغلب الظن أن هناك جهة متنفذة تقف خلف هذا الدعم والتسهيل، حتى الاعلام الرسمي المتمثل في إذاعة البحرين أخذ في التسويق للحدث تزامناً مع البلبلة التي حدثت عند إعلان الشيخ عبداللطيف المحمود مقاطعته للتجمع مدعياً عدم تلقيه الدعوة للحضور! مع اعتقادي انه هو صاحب الدعوة ولا ينتظر أن يدعوه أحد !.
أما بيان تجمع صحوة الفاتح كلام إنشائي بحت لا يطرح أي رؤية للحل من الناحية السياسية فضلاً عن أنه يرفض الحوار كأساس للخروج من الأزمة، حيث جاء البيان بصيغة الاستغراب من الحديث عن طرح فكرة الحوار، مما يدل على أنهم لا يعون ما يحدث حولهم من حوارات. وشدد البيان على أن الحل لا يكون إلا بفرض الأمن .. فرض الأمن .. فرض الأمن .. متجاهلين الوجوه الأساسية للأزمة في الأصل وهي مطلبية - سياسية وليست أمنية. ومن التصريحات الملفتة التي جاءت في البيان والتي تحمل كماً من الإسقاطات النفسية الواضحة للتبعية وعدم إعطائهم أي أهمية من قبل الحكم هي: إلى متى ستتجاهلنا الدولة؟! ..
الأمر الآخر أنه بعد الأزمة الطاحنة التي مرت بالبلد على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، وبعد الفساد الحكومي الواضح حسب تقارير الرقابة المالية والتي نعتقد تمام الاعتقاد أنها لا تغطي جميع أوجه الفساد، نرى أن بيان تجمع الصحوة بدأ بفخره واعتزازه بالأداء الحكومي ثم أردف البيان يتساءل عن الفساد المستشري! وعن تقارير الرقابة المالية التي تتكرر سنوياً وعن التوزيع الغير العادل للثروات وانعدام الشفافية في إدارة الموارد النفطية وعن دفن البحار واستملاك الأراضي وباقي الثروات. ووقعت في حيرة من أمري ولم أستطع استيعاب طلبات صحوة الفاتح المتناقضة فمن جهه يفخر بيانهم بالأداء الحكومي المتميز ومن جهة أخرى يشكو من الفساد الحكومي!. فالحكومة التي يتم اتهامها بكل ما في تقرير الرقابة المالية سنوياً دون أي تصحيح أو محاسبة لما فيه، كيف تستطيع تحقيق هذا الطلب وهي المتهمة بالفساد.
وحين تم سؤال قادة الصحوة في مقابلتهم مع جريدة الوطن في السابع والعشرين من شهر فبراير عن رؤيتهم السياسية للحل، كان جوابهم أنهم لا يعطون حلول وأن الرؤية للحل يُسأل عنها ائتلاف الجمعيات السياسية الذي هو بدوره لم يستطيع بلورة رؤية واضحة لحل الأزمة وحينما تمخض عن رؤية لم يقدم غير وثيقة الفاتح التي في أعلى سقفها لا تمثل حل أو حتى جزء من حل مرحلي، لأنها تركز على كلام انشائي بحت لا طائل منه وقد تم تفنيدها في مقال سابق حرب الوثائق وثيقة تلد أخرى.

أصدقكم القول أنني قمت بقراءة بيان تجمع صحوة الفاتح أكثر من مرة لأستخلص في النهاية نتيجة واحدة مفادها أن المجموعة التي ترى نفسها تمثل الأغلبية في شعب البحرين لا تملك إلا شعارات لا معنى لها تقدمها لشعب البحرين .. وأكثر ما يضحكني أن شباب صحوة الفاتح ذاتهم يدندنون ويشكون باستمرار من تهميشهم في ذات الوقت الذي يقاتلون فيه من أجل تهميش الآخرين وفي النهاية فإن الطرف الوحيد المهمش من الجميع هو الوطـن  ...

هناك تعليق واحد:

المواطن والإنسان يقول...

إستاذي الفاضل، لقد حللت وأجدت
أخوك يعقوب سيادي