الاثنين، مايو 28، 2012

مسيرة الوفاق وتجمع الفاتح "ذاب الثلج وبان المرج "

مسيرة الوفاق وتجمع الفاتح "ذاب الثلج وبان المرج "
( الجزء الثاني)

 
 يوم الجمعة الموافق 18 مايو 2012م كانت نسبة الرطوبة عالية جداً وكان الجو غائماً مما خفف من حرارة الشمس في مسيرة "لبيك يا وطني" التي دعت إليها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، والتي تمثل أكبر طيف معارض في البحرين، وبسبب الشحن الإعلامي المتواصل بين فريقي المعارضة والموالاة، وتراشق الإتهامات فيما بينهما بتحريف الصور وفبركة المونتاج لتصوير الفيديو بغرض إظهار التجمعات أكبر من حجمها الحقيقي، وكذلك استخدام شعارات الكراهية والتسقيط، قررت حضور مسيرة المعارضة وتجمع الموالاة بنفسي لغرض التوثيق ولغرض آخر وهو رؤية الجوانب المغيبة التي لا يبديها الإعلام الرسمي، ولا أدعي أنني قمت بتغطية كل جزئية من جزئيات المسيرة أو التجمع، ولكني سأنقل ما تيسر لي ملاحظته. وقد قمت بعرض تغطيتي لتجمع الموالاة الذي عقد يوم السبت في الجزء الأول من الموضوع، وعليه سيكون هذا الجزء من نصيب المعارضة.
 
وصلت شارع البديع بعد مرور بعض الوقت على بدء المسيرة، وكان الإزدحام شديداً على جانبي الطريق، اقتربت من دوار الدراز ولم يسمح لي أفراد شرطة المجتمع بالدخول أو الوقوف في الساحات الفارغة في الأمام، مما اضطرني للرجوع بالاتجاه المعاكس من الشارع وأوقفت سيارتي في المسار الأيمن من الشارع الرئيسي، حيث اتخذت السيارات هذا المسار كموقف نظراً للإزدحام الشديد. انتظرت في السيارة قليلاً لالتقاط أنفاسي لوجودي في قلب الحدث، حيث أنني في مسيرة التاسع من مارس كنت أراقب عن بُعد، أما هذه المره فقد قررت أن أكون أكثر قرباً .. أكثر قرباً من مكون رئيسي في المجتمع تم تصويره على أن الإقتراب منه "خطر" .. لأن لديه أجندات خفية .. أجندات إقصاء .. أجندات مذهبية مرتبطة بالخارج .. ذلك الخارج الذي خطف العراق من حاضنته العربية السنية، وأصبح رهينة لحاضنة فارسية تتخذ من المذهب غطاءاً لإلتهامنا .. هذا ما كان الإعلام يرينا إياه ويريدنا أن نصدقه ونعمل به .. استرجعت كل هذه الأفكار وأنا أهم بالنزول من السيارة.
عند وصولي للمسيرة استوقفتني الأناشيد الثورية الحماسية التي تصم الآذان وكأنها تحشيد حربي، ربما هذا الشعور بدأ يساورني لدى رؤيتي لشعار المسيرة كما نراه هنا ..
 وهي صورة لشخص يحيط رأسه بعصابة تمثل علم البحرين ويرفع يده للتحية وكأنها تحية عسكرية، وربما قد توحي للبعض أنه يحمل مسدساً، وهذه الأناشيد الثورية التعبوية نلاحظها بوضوح في المسيرات التي ينظمها حزب الله اللبناني والتي تأخذ الطابع العسكري بسبب التوجه الثوري للحزب. ذكري لحزب الله في هذا المقام قد يسبب الضيق والإمتعاض للبعض، إذ سيعتبرون ذكر حزب الله إقحاماً في المسيرة البحرينية، وهذا ليس القصد وإنما الشيء بالشيء يُذكر وتشابه الأساليب والأناشيد الثورية لها كثير من التماهي مع ثورية حزب الله وأهازيجه.
المسيرة كانت مهيبة وجادة، حيث ساد الموقف الإصرار الواضح والتحدي الشديد والجرأة الكبيرة مع إختفاء عامل الخوف والتوجس، علت هتافات الجموع بشعارات تسقيط الحكومة وبعض رموزها و دوت بالمكان متناغمةً مع الأناشيد الحماسية والثورية، والملاحظ أيضاً أن العناوين البارزة والهتافات انقسمت الى أربعة أقسام رئيسية :
القسم الأول: وهي النسبة الأكبر من اللافتات والصور وحتى المجسمات والهتافات المؤيدة للمرجعية الدينية وعلى رأسها الشيخ عيسى قاسم، لدرجة أن الأمر التبس عندي، فلم أميز هل هذه المسيرة هي مسيرة "لبيك يا وطني" أم مسيرة "لبيك يا عيسى قاسم"!، حيث كان الجميع يحمل صورة الشيخ، الصغير والكبير النساء والرجال وحتى الأطفال ذوو الأربع والخمس سنوات، وكانت الهتافات تعطي شخصية الشيخ هالة كبيرة من التقديس، وللإستدلال على ذلك أذكر بعض الأمثلة من الهتافات والشعارات:  قاسم أنت الوطن – تاج على رأس الوطن – قاسم قد أتيناك ملبين ولأمرك طائعين فلك أن تقول لنا سيروا ونحن نقول لك لبيك – إسمع يا ظالم لبيك عيسى قاسم .. وغيرها الكثير.
 وهذا الأمر لم ألحظه وحدي بالطبع، فعلى مواقع التواصل الاجتماعي أبدى الكثير من النشطاء تحفظهم وضيقهم من هذا الأمر، فقال البعض: خرجنا للوطن ولم نخرج لأجل شخص، وقالت أخرى: صُدمت من حجم الصور وكثرتها فتركت المسيرة! . وفي معرض الدفاع عن هذا الأمر أرجع المؤيدين له السبب إلى كم الإهانات والتسقيط الذي تعرض له الشيخ عيسى قاسم من قِبل الصحافة الرسمية وشبه الرسمية، وزعموا أنه - أي الشيخ - هو الذي يضبط إيقاع الشارع ويمنعه من الجنوح للتطرف، وكما قالت مراسلة قناة الجزيرة الإنجليزية في نهاية تقريرها عن المسيرة: "إن المشاركين بالمسيرة اتخذوها فرصة للتعبيرعن رفضهم لما يتعرض له الشيخ عيسى قاسم من إعتداءات لفظية حيث يمثل الشيخ قاسم عنصرالإتزان والعقلانية في البلد منذ بدء حراك فبراير العام الماضي".


القسم الثاني: والذي كان له بروز واضح أيضاً، هو اللافتات واللوحات والهتافات الرافضة للإتحاد بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، والتي حملت طابع الحدة في الرفض، ومنها: البحرين ليست للبيع - سيادة البحرين واستقلالها قرار شعبي – الشعب صاحب الكلمة الفصل – لن نقبل التنازل عن استقلال البحرين .. وغيرها. والملاحظ أن معظم الشعارات كانت تشير إلى رؤية الإتحاد بأنه ليس سوى إلحاق البحرين بالسعودية كجزء منها وليس كما هو مطروح من قبل الحكومة كإتحاد كونفدرالي فضفاض تظل الدولة محتفظة بسيادتها الوطنية، وهذا الموضوع متشعب وله أبعاد كثيرة لا مجال لذكرها الآن.

القسم الثالث: الشعارات المطالبة بالديمقراطية وبالتالي التسقيطية للحكومة والمتحدية لها والمطالبة برحيلها واستقالتها وكانت كثيرة ومتنوعة ومنها – فلتسقط الحكومة – لا تنازل عن الديمقراطية  – الحرية مطلبنا ولن نرجع إلى بيوتنا- الشعب سيد قراره وغيرها من هذة الشعارات.
القسم الرابع: وكان القسم الاخير يحوي مجموعة متنوعة من الشعارات المختلفة منها دعم لرموز الحراك القابعين خلف القضبان، و لافتات أخرى مؤيدة للسيد/ نبيل رجب الموقوف حالياً على ذمة بعض القضايا، وكذلك صور أرشيفية لمن قتل واستشهد في الفترة الماضية.

 وإحقاقاً للحق يجب التنويه بعدم وجود أي تعرض للطائفة السنية بأي شكل من الأشكال، بل كانت هناك الكثير من اللافتات التي تحث على الوحدة بين المكونيين السني والشيعي، وبأن المطالبات للجميع ومنها: اخوان سنة وشيعة .. البحرين طائر بجناحين سني وشيعي .. مطالبنا وطنية .. الوطن للجميع وغيرها من الشعارات.

 وإن كنت قد وجدت صورتين مسيئتين إحداها تمس صاحب الجلالة ملك البلاد، والصورة الأخرى تسيء إلى حاكم دولة شقيقة وبرغم فردية الحدث إلا إنهما تعتبران من الصور الشاذة، ويبدو أن المنظمين اجتهدوا بإزالة مثل هذه الصور التي قد تعرضهم للمساءلة القانونية فيما بعد.

صــولات وجــولات
لازالت المعارضة لها الأسبقية في الصولات والجولات في عمليات التحشيد القائمة وتعتمد في ذلك على عدة عوامل أستعرضها بالتفصيل في النقاط التالية ..

المعارضة والربيع
تنظر المعارضة إلى نفسها على أنها جزء من الربيع العربي ليس في البحرين فقط وإنما في منطقة الخليج العربي، وعذرها في ذلك أنها في مطالباتها لا تخرج ولا تشذ عن مطالبات الربيع العربي سواء في مصر أو تونس أو اليمن، فهي تطلب الحرية والكرامة للشعب الذي يجب أن يكون مصدر السلطات وهذا ما نادت به كل الثورات العربية، وإستمرار زخم الثورات العربية يزيد زخم المعارضة بالرغم من أنها أصبحت تمثل مكون واحد في المجتمع البحريني، وإن وُجد القليل من المكون الآخر الذي يتعاطف مع هذه المطالب، ولكن يبقى أن المكون الكبير الآخر في البحرين لا زال ينظر للحراك بأنه حراك طائفي فئوي، وأن الوفاق لديها أجندات فئوية وطائفية مخفية كما أسماها مُنَظِّر صحوة الفاتح السيد/ ناصر الفضالة بالماورائيات.

الظلم الشخصي نتائجه تعاكس الدولة
يدعم تجمعات الوفاق شرائح كبيرة ومتنوعة من البحرينيين ممن تعرضوا للسجن أو التعذيب أو الفصل أو التوقيف أو الإهانات، ومنهم المدرسين والمهندسين والرياضيين والمحاميين والأطباء وقد لفت نظري تواجد الدكتور/ طه الدرازي وغيره من الأطباء يحملون اللافتات في المسيرة، وغيرهم الكثير من فئات المجتمع التى استشعرت أنها أُهينت فقط لأنها تنتمي لذات الطائفة، دون أن يكون لها أي تاريخ سياسي أو مطلبي، وقد استطاعت الوفاق بسبب تهور الحكومة في الإنتهاكات الغير مبررة والغير معقولة احتواء كل هذه الجموع وإدخالهم في مشروعها السياسي دون جهد يُذكر وإنما نتيجة للمعاناة الشخصية التي تعرضوا لها، فأصبحوا ذخيرة ترفد الوفاق في كل المحافل الحقوقية الدولية ومؤتمر جنيف الأخير خير شاهد ومصداقاً لتحول الكثيرين نحو العمل الحقوقي.

خسارة الدولة مكسب للطائفة
الخطاب الحكومي المُستفز لجموع الطائفة الشيعية في البحرين، بدءاً بالازدراء بمرجعيتهم الدينية وصولاً إلى التهجم الشخصي في صحف تحسب على الحكومة، وإظهار هذه الشخصيات بأنها لا تنتمي لهذا البلد وبدأت حتى بالتلميح لسحب جنسيات هذه الشخصيات، ووصل الإتهام والتسقيط إلى اتهام أحد النواب للشيخ عيسى قاسم بأنه قد تم تجنيسه في نهاية الستينات وأنه لا يحمل شهادة ميلاد، بالرغم من أن الشيخ كان أحد نواب المجلس الوطني في عام 1973، وكانت شروط الترشح للمجلس أن يكون مواطن بحريني بصفة أصلية. وتم كذلك إتهام الشيخ على سلمان بأنه مجنس وأن أباه قد وفد من منطقة القطيف. والملفت هنا أن من ينتقص أصول الشيخ على سلمان السعودية يطبل ويزمر للإتحاد مع الجارة الشقيقة كل يوم وكل ساعة. وأنوه هنا أن الشخصية الشيعية حساسة جداً تجاة مرجعيتها، ربما هناك من الشيعة ممن لا يوالى هذه المرجعية أو تلك الشخصية، ولكن عند الهجوم عليها فإن عوام الناس يعتبرها هجوم على معتقده ومذهبه. فهل هذا استدراج حكومي لتضخيم هذا الأمر وإظهار البعد الطائفي للازمة؟.

مظلومية تاريخية أم مظلومية قائمة
المظلومية التاريخية تعززها مظلومية قائمة. أكثر الأمور التي تُجيّش خواطر الناس وتستدر عواطفها هو جعل جموعها أكثر عاطفية، والظلم الذي وقع على الآلاف من الطائفة الشيعية منذ إعلان حالة السلامة الوطنية كان ذخيرة حية، وفرتها الحكومة لفرط الزهو والكبر الذي اكتسبته بدخول قوات درع الجزيرة فإستغلتها المعارضة بذكاء بكل سهولة ويسر، وبالتالى لا تحتاج – أي المعارضة - للرجوع إلى مظلومية التاريخ ومظلومية عصر أمن الدولة السيئ الذكر، فالمظلومية المستمرة منذ ما يزيد عن العام ونصف العام تكفيها لسنوات قادمة وتزيد. والأهم من هذا وذاك إن ما حدث من انتهاكات وجرائم تم توثيقه دولياً في تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق (تقرير بسيوني) والذي حوى الكثير من الوقائع والانتهاكات والتوصيات.

قيادات الوفاق إتفاق ام انقسام
من الملاحظات الأخرى أن التحشيد الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي مازال متواصلاً وبوتيرة متسارعة على عدة مستويات، سواء عبر المجموعات الإلكترونية التابعة لحركة 14 فبراير أو المجموعات الإلكترونية المؤيدة للوفاق، بالإضافة لقيادات جمعية الوفاق أنفسهم ونوابها المستقيلين، وهذا يعطي إنطباع عن الإرادة القوية والعمل الجماعي المنظم. ولعلني أستذكر هنا ما أشار إليه بعض الكتاب المحسوبين على الموالاة إلى الإنقسام الواقع في صفوف الوفاق، ولكن بمجرد النظر إلى تصريحاتهم وكتاباتهم نرى ما يناقض ذلك. فنجد النائب السابق الدكتور/ جاسم حسين ذو التوجه الليبرالى المنفتح يحشد للمسيرة رغم حضوره سباق الفورملا مؤخراً والذي اتخذه البعض دليلاً لإبراز التباين بين أعضاء الوفاق، وفي ذاك الطرف نجد النواب الأكثر تشدداً يحشدون بشكل أشد، وهذا مؤشر على مقدار العمل المؤسسي الواضح لهذه الجماعة. ولعلي أقتبس إحدى تغريدات النائب السابق خليل مرزوق رئيس كتلة الوفاق النيابية الذي قال فيها: "سأشارك بروحي وعقلي في مسيرة 18مايو تأكيداً لإستقلال الوطن ووحدته وسيادة شعبه ونصرة لقادته المخلصين رمز التقوى والوطنية والوحدة".
يُرجع الكثيرون من الموالاة تماسك الوفاق إلى أنها تنفذ توجيهات صادرة لها من مصدر واحد ألا وهو المرجعية الدينية وبالتالي فإن تحركهم السياسي لا يكون إلا في الهامش الذي تحدده هذه المرجعية وليس كتنظيم سياسي له هيكليته المعروفة وآلياته في اتخاذ القرار.

كل العوامل السابقة وغيرها يجعلنا نضع المعارضة والوفاق تحديداً في وضع تعبوي دائم يجعلها قادرة على تجميع حشودها في أي وقت بمجرد النداء، لذلك كانت مسيرة 18 مايو مسيرة حاشدة قدرتها السلطات الرسمية بـ 15000 وقدرها المنظمون في الوفاق بـ 300000 وأكاد أجزم أن الجانبين ما بين تفريط وإفراط، فالداخلية تميل إلى تقليل الحشود والوفاق تميل إلى تضخيمها ومع ذلك فإن الجموع كانت غفيرة، وحسب المساحات وفي لحظات معينة فالعدد لن يقل عن 80000 مشارك.

في اليوم التالي التقيت بأحد الأصدقاء القدامى، وهو من المؤيدين لحركة 14 فبراير ويراها بأنها هي الأكثر تمثيلاً للشارع البحريني، أوضحت له بأن كثرة صور الشيخ عيسى قاسم وتنوعها ربما تثير الطرف الآخر وتشكك في مصداقية الحراك في البحرين الذي يطالب بالديمقراطية للجميع، فعندما يرى الجموع والحشود تخرج لأجل رجل الدين، كيف سيثق بكم وسيرى أنكم تريدون تحويل البلد من دكتاتورية عائلية كما تدّعون إلى دكتاتورية دينية كما هو واضح وهي أشد وأخطرعلى مدنية الدولة؟. رد علي حانقاً: من تسميهم الطرف الآخر لم يكتفوا بالسكوت عن ما تعرضنا له من عذابات وقتل وفصل وازدراء بمعتقداتنا ولكنهم رقصوا على جراحنا وكالوا لنا الاتهامات والإهانات ومازالوا، ولا يهمنا رأيهم فصندوق الانتخابات هو الفيصل والحكم وعلى الأقلية الرضا بحكم الأغلبية، هذه هي الديمقراطية في العالم أجمع!

ووجهت ذات السؤال إلى نائب الوفاق المستقيل علي الاسود، الذي أجاب قائلاً: الشيخ عيسى قاسم بنفسه لا يرتضي هذا الكم من الصور، ولكن هذه من طبيعة المجتمعات المتدينة وإن أكثر الصور جاءت بإرادة شعبية ولا يمكن وقف إرادة الناس. إجابة النائب تحمل كثيراً من دبلوماسية السياسيين، ويظل السؤال حائراً: من ينفق على كل هذه الصور واللافتات؟ هل هي إرادة أفراد تجمعوا وتضافرت جهودهم لإبراز هذه الظاهرة؟ أم أنها إرادة مؤسسية قادرة على توفير الميزانيات واختيار الكلمات وتوجيه الجموع عبر هذه الشعارات؟ والتي تبين إرتهان هذه الجموع للقائد العالم الرباني .. أنا هنا أتساءل عن مبدأ المواطنة وحرية الفرد في اتخاذ قراره وليس توجيهه لاتخاذ القرار لأسباب دينية أو مذهبية واضحة.


الشيـخ عيـسى قـاســـم .. هـل هـي الـبـيـعة ؟

كان هناك أمرين ملفتين، الأول أن الكثير من مناطق وقرى البحرين، وزعت ملصقات تجدد فيها تأييدها "للقائد أبا سامي"، فهل هذه بيعة جديدة؟ وكيف سينظر إليها الطرف الآخر والذي يصر على أن الحراك طائفي إقصائي؟ وقد وجهت السؤال للنائب السابق علي الاسود: ألا ترى أن هذه الملصقات واللافتات أشبه بالبيعة بينما المكون الآخر يراقب هذه الامور فتثير لديه الريبة والتساؤلات؟، فأجابني بأنه يتفق معي تماماً وبأنها أمور قد تؤدي إلى ردود أفعال وأن الكثيرين يرون كثرتها تضر ولا تنفع. وأتساءل هنا مرة أخرى هل هي إرادة فردية أيضاً ؟؟ كثيرة هي التساؤلات في هذا الامر؟؟

مسيرة طهران ومسيرة المنامة .. أوامر أم تزامن
شنت الحكومة عبر أذرعها من منابر دينية وصحافة وإعلام مرئي ومسموع، وأيضاً عبر مواقع التواصل الإجتماعي هجوماً إعلامياً شديداً على جمعية الوفاق المعارضة وعلى المسيرة التي دعت إليها والموجهة ضد الإتحاد الخليجي، متهمةً الجمعية بأنها تتلقى أوامرها من طهران، إذ أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن مسيرة تحت نفس العنوان في نفس التوقيت، فهل هي أوامر للوفاق كما وصفتها المنابر الحكومية؟ أم أنه مجرد تزامن لا غير؟.
وجهت التساؤل للنائب المستقيل علي الاسود وجاءت إجابته أيضاً دبلوماسية كالعادة، حيث قال: أن التزامن لا يعني الإتفاق وأن المسرح في الداخل ممتلئ بالفعاليات أسبوعياً، وأن دعوة المعارضة ليست مشبوهة لأنها وجهة نظر وقد يتفق معها البعض أو يرفضها.
وسألت شخص آخر من  مؤيدي الوفاق ذات السؤال، فقال: لإيران أجندتها ولا تعنيني في شيء وحتى لو تم تأجيل الفعالية لن يتغير شيء فنحن متهمين بالعمالة لإيران سواء بالمسيرة أو بدونها.

في الختام أرى أن الحراك وإن بدأ عفوياً بسيطاً إلا أن الدولة لم تستطع تطويقه وإحتوائه وإن اللجوء إلى أسلوب القوة الذي اتخذته في البداية أدى إلى قلب الأوراق وتهييج الكثيرين ممن لم يكن لهم أي إهتمام بالحراك السياسي سابقاً، وتمت طأفنة الأحداث للهروب من الإستحقاق السياسي والذي كان يجب على الدولة دفعه للخروج بالبلاد من هذه الأزمة، فالتغييرات الحاصلة في المنطقة ستصل لنا شئنا أم أبينا.
وللأسف فإن المعارضة اختارت في وقت من الأوقات التصعيد والاستمرار في العناد لكي تحصد كل الثمر، ولعلها استوعبت الدرس جيداً بعد السلامة الوطنية. في حين نرى أن الدولة بكل أدواتها وبكل ما تملكه من قوة ومن إرث تاريخي لم تستوعب المرحلة بعد، ولا أعلم هل أدركت أم لا أن أسلوب الحل الأمني أو العسكري ناجعاً في زمن غير هذا الزمن، وبخاصة بعد تلاشي مظاهر النشوة التي اكتسبتها إبان دخول قوات درع الجزيرة وأثناء مرحلة السلامة الوطنية، وأن هناك استحقاقات من الواجب دفعها.
المراقب للساحة الدولية يعلم أن بعض إرهاصات التغيير قد حدثت وستحدث نتيجة للمزاج الدولي الرافض لأساليب عفا عليها الزمن .. ولكن متى؟ وكيف؟ الله سبحانه وتعالى أعلم ..
  

هناك 12 تعليقًا:

Unknown يقول...

السلاموعليكم
احسنت بارك الله فيك اتفق مع مجمل ما قلت و هذه الثوره او الحركه لن تتراجع لما قبل 14 فبراير لأن المصاب جلل و حجم المآسي كبير فلذلك المطالبات الحقوقيه و بعد تصرف السلطه جعلت جل البحرينين يصرون عليها اكثر من ذي قبل و لن يكون هناك حل الا بتحقيق مطلب الحريه و العداله و الكرامه لهذا الشعب المظلوم و ان وافقت الجمعيات السياسيه علي حلول مع الحكم و من دون عرضه علي الشعب للموافقه عليه فستستمر هذه المطالبات لحين تحقيقها و نحن الأن في القرن الواحد و العشرون و لا مجال لؤدها.

غير معرف يقول...

اشكرك على طرحك الموضوعي في كلا القرائتين لكلا التجمعين

غير معرف يقول...

قراءة موضوعية,,,من السعودية....يعطيك العافية وزدتنا نور

غير معرف يقول...

مشكور على الطرح المتزن مهما كانت نسبة الاتفاق أو الإختلاف مع آرائك المتزنه

اللهم ارنا الحق حقا فنتبعه وارنا الباطل باطلا فنجتنبه

بعد تتبعي لكلماتك ومقالاتك المتميزة صراحة أنتظر منكم قراءته حول دخول درع الجزيره البحرين

غير معرف يقول...

اخي العزيز
الطرح متزن وهو ينم عن رجل سياسي من الدرجة الاولة وقارئ الوضع الداخلي والخارجي ولكن هناك من يختلف معك بمجرد إقحام حزب الله  في الموضوع ولو من بعيد لم يكن موفق وايضاً عدد المشاركين في المسرة ٨٠٠٠٠ في بعض لحظات معينه اين هذه الحظات لم يحدد الكاتب ؟

 

ابوحسن يقول...

اشكرك جزيل الشكر على طرحك الموضوعي في كلا القرائتين لكلا التجمعين وانا من المتابعين لكل ما تكتب نعم البحرين لكل البحرينين سنة وشيعة وتبا للمتمصلحين الانانين شكرا لكم

غير معرف يقول...

لوكان في اخواننا السنه المزيد ممن يتمتعون بثاقافتك وجرئتك وحياديتك لكان الحال مختلف تماماً.
بارك الله فيك وكثر الله من امثالك.

في هذه الأزمه سقطت الكثير من الأقنعه. وجرحنا من رقص اخواننا وشركائنا في الوطن على جراحاتنا. لكن بوجود الطيبين امثالك لن تتأثر علاقتنا مع من يستحق منا الإحترام.
مايميزك اخي اباعمر انك تقول كلمة الحق ولاتسعى وراء مصالح ولاطائفيه.
بارك الله فيك وكثر الله من امثالك. ننتظر كتاباتك القادمه بفارغ الصبر.
وشكراً

ام بدر يقول...

طرحك موضوعي ومنطقي جداً في كل ما قلته أحييك على هذا الطرح الرائع والله يكثر من أمثالك وينير بصيرتك وبصيرتنا

غير معرف يقول...

وصف موضوعي راقي، وملاحظات يتعايش معها المرء، مع أن جميع النقاط التي طُرحت كانت موضوعية وواقعية إلا أنني "كمتابع" حضر المسيرة لتسجيل مثل هذه الملاحظات، أرى أن تقدير المسيرة منطقاً وعقلاً وحساباً لا يقل عن 200 ألف شخص وفقاً لملاحظتي وبالنظر إلى مساحة مسار المسيرة. لا يهم العدد كثيراً، ولكن الواقع يُسجل نفسه، ولك أن تقيم حساباً هندسياً وليس نظرياً.

غير معرف يقول...

للأسف لم تعرف الشيعة "البحارنه"
ما يكتبونه عن الشيخ عيسى هو بلا شك لأنهم يعتقدون بأنه مثلهم الأعلى ومن يمسه يمسهم والامر الأهم عنااااااااد وهكذا هم البحارنه منذ سنين يتعاملون مع الحكومة على اساس العناد وإظهار القوة!

غير معرف يقول...

أشكرك على هذا التحليل الرائع ونحن بحاجة إلى ناس موضوعيين ينقلون الوقائع والأحداث بكل موضوعية وحيادية . بارك الله فيك

غير معرف يقول...

في مقالك لتجمع الفاتح ذكرت ان هناك حضور بحرنين من اصول عربيه مثل فلسطينيه ووووو وهذا تميز البحرين بلد ديمقراطي وهؤلا خدمو البحرين لسنين طويله كنت هناك مع صديق بحرني يقول أني مولود هنا من ٥٠ سنه والدي جأ دكتور والبحار نه " مع حبي لهم " يسمونه مجنس توقعت منك ي بوعمر ان تقول نفس عن مسيرة هناك بحرنين من اصول ايرانيه